21 نوفمبر 2024 | 19 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ محمود الجمال: الحسد يُذهب النِعم ويُهلك الحسنات ويوقع العداوة بين الإخوة

13 يناير 2019

إن الإسلام الحنيف يهدف إلى بناء شخصية الفرد بناءا محكما متكاملا؛ من حيث سلامة المنهج والعقيدة، ونقاء القلب والسريرة، ونزاهة الأخلاق والسلوك، وعلى هذا فالمسلم مطالب بأن يجاهد نفسه على إصلاح ظاهره وباطنه، حتى يعيش في كنف شرع الله طاهر القلب، منزها من وساوس الضغينة والبغضاء وغيرها من السلوكيات المعيبة.
   ولما كان الإنسان بطبيعته يطمح ألا يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل، فإن ذلك يجعله عُرضة لأن يقع في مظالم ظاهرة، منها الحسد؛ تلك الخصلة الذميمة التي لا تتخلق بها إلا النفوس السقيمة التي تطمع في الاستئثار على غيرها بكل خير ونعمة.
حول هذا الموضوع تحدث فضيلة الشيخ محمود الجمال، الداعية والمحاضر، مؤكدا أن الحسد في أصله ينشأ نتيجة تفاوت الناس وتفاضلهم في النعم والأرزاق، ونتيجة التزاحم على متاع الدنيا، لذا فهو حبل قوي من حبائل الشيطان، يدخل من خلاله إلى نفس الإنسان ويوسوس له، ليخرجه من هدوئه واستقراره إلى حالة من السخط وعدم الرضا بما قسمه الله.
   نجد أن الحاسد الذي يمد عينيه إلى ما عند الغير هو في الغالب إنسان سلبي عاجز عن الفعل والتقدم، لأن الأَوْلَى به أن يجتهد ويأخذ بأسباب النجاح والتفوق، كي يحقق مثلها وربما أفضل منها، بدلاً من أن يمكث عمره يحصد ثمار الخيبة والتقاعس، وهو يتمنى زوال النعمة من عند أخيه.
   ويعد الحسد من كبائر الذنوب التي لا يلقي لها كثير من الناس بالاً، برغم أنه مُهلك للحسنات، وقد حذر منه النبي في الحديث: (إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) [أخرجه أبو داوود]، كما أنه ينافي أصل الأخوة الإيمانية، فكم فرَّق الحسد بين الإخوة، وشتت شمل الأحبة، وكم أذهب من نعمة، وكم أحل من نقمة، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) [متفق عليه].
   ولا شك المحسودين دائما هم أهل الفضائل والمعالي، بينما الحاسد عدو لنعمة الله على عباده، لا يرضى قسمة الله، ولا يرضى بحكمة الله ولا يرضى بتدبيره جل وعلا، فإذا رأى الله أنعم على عبد بنعمة أو ميَّزه بميزة، تأججت نار الحقد في صدره، وبات لا يضمر إلا غدرا وشرا، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يجتمع الإيمان والحسد في جوف عبد) [رواه البيهقي وابن حبان].
ومن المعلوم أن من لوازم الحسد؛ سوء الظن بالمسلمين، حيث يجد الحاسد في تتبع العورات، وإذاعة مثالب الناس، متنفسا لأحقاده الدفينة، وتعويضا عما يشعر به من نقص تجاه الآخرين.
   على الجانب الآخر، يقول فضيلة الشيخ، أن سلامة الصدر، ونقاء السريرة من الأمور الدالة على الإيمان والطمأنينة، فضلا على كونها من موجبات الأجر والثواب، وهي صفات تقرِّب صاحبها من الأعمال التي تفتح له أبواب الخير، وتورده مسالك الطريق إلى الجنة، يقول رب العزة سبحانه: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر:٤٧].
فما أحوج مجتمعاتنا إلى التزوُّد بزاد التقوى، فتتخلص من أدوائها وأدرانها، وتَصفو نفوس الناس نحو بعضهم البعض، حتى يتحقق النصر للمسلمين في الدنيا، والنجاة في الآخرة، وحسبنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الناس بخير مالم يتحاسدوا) [أخرجه الطبراني]، هدانا الله إلى أحسن الأخلاق والأفعال والأقوال، ووقانا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. 
 

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت